أكد صندوق النقد الدولي أن تعافي إنتاج النفط في ليبيا ساهم في تعديل توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد للعام المقبل. جاء ذلك عقب زيارة وفد من خبرائه، برئاسة ديميتري جيرشينسون، إلى العاصمة التونسية خلال الفترة من 2 إلى 6 ديسمبر الجاري، لمناقشة أحدث التطورات الاقتصادية في ليبيا، والتوقعات الكلية، وأولويات السياسات والإصلاحات في البلاد.
توقع الصندوق في تقريره أن تسجل ليبيا زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2025، لكنه أشار إلى أن هذا النمو سيظل محدودًا على المدى المتوسط، نظرًا لتوقعات انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي والميزان الخارجي في عام 2024.
حذر الصندوق من أن التوقعات قد تتعرض لمخاطر سلبية، تشمل انخفاض أسعار النفط عن المتوقع وتجدد التوترات السياسية، مما قد يؤدي إلى تقليص الحيز المالي المتاح.
دعا الصندوق السلطات الليبية إلى الاتفاق على أولويات الإنفاق من خلال موازنة موحدة لعام 2025، مشيرًا إلى أن ذلك سيُسهم في تفادي الإنفاق المزدوج وتحسين إدارة الموارد المالية. كما أوصى بضرورة التحكم في الإنفاق بما يتماشى مع الإطار الاقتصادي الكلي الحالي.
أكد الصندوق دعمه لجهود مصرف ليبيا المركزي لتسهيل الوصول إلى النقد الأجنبي وتخفيف نقص العملة المحلية من خلال ضخ السيولة في النظام المصرفي وتوسيع خدمات الدفع الإلكتروني.
أوضح التقرير أن التحكم في الإنفاق المالي يظل الخيار السياسي المفضل لتحقيق توافق مع الإطار الاقتصادي الكلي. وناقش خبراء الصندوق مع السلطات الليبية أهمية تطوير أدوات السياسة النقدية لدعم مصرف ليبيا المركزي في حماية استقرار سوق الصرف الأجنبي.
كشف التقرير عن دعم الصندوق لتسهيل الوصول إلى النقد الأجنبي وتخفيف نقص العملة المحلية، عقب تخفيض ضريبة الصرف على النقد الأجنبي من 27% إلى 15%. كما رفع مصرف ليبيا المركزي الحدود المفروضة على الاعتمادات والخطابات المخصصة للاستخدام الشخصي، ونظم أنشطة مكاتب الصرف الأجنبي، مما ساهم في تقليص الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية والموازية من 13% في يوليو الماضي إلى 8% في نوفمبر الماضي.
شدد وفد الصندوق خلال زيارته على أهمية الإصلاحات الهيكلية وإصلاح الدعم في ليبيا. وركزت المناقشات على إصلاح الحوكمة في القطاع العام، حيث يُتوقع أن تكون المراجعة الشاملة المزمع تنفيذها ضمن إطار المادة الرابعة لعام 2025 أساسًا لهذه الإصلاحات. كما لا يزال إصلاح دعم الطاقة على جدول الأعمال، حيث يمثل نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي. وتُعتبر هذه الإعانات استنزافًا للموارد المالية، مما يحد من الإنفاق على القطاعات الإنتاجية.
رحب الصندوق بالتقدم المحرز في تعزيز حوكمة القطاع المصرفي، بما في ذلك مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتحسين جمع البيانات، وتشجيع الابتكار في التكنولوجيا المالية.
أكد صندوق النقد الدولي التزامه بتقديم الدعم الفني اللازم لتعزيز قدرات ليبيا في مجالات السياسة الضريبية، وإعداد الموازنات، وإدارة الإيرادات، وإحصاءات مؤشرات الأسعار، وإدارة الاحتياطيات، والسياسة النقدية.