يحمل قرار استقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة وتكليف مسعود سليمان، خلفا له بصورة مؤقتة في طياته أكثر من مؤشر بعد اتفاق غير معلن بين رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة ونجل قائد “القيادة العامة” صدام حفتر، في يوليو 2022، والذي قضى بتعيين مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، برئاسة فرحات بن قدارة، خلفًا للرئيس السابق للمؤسسة مصطفى صنع الله.
ووفق الاتفاق الغير معلن آنذاك، فهناك مقارَبَة لنظام سياسي جديد تصنع في ليبيا لحفظ التوازن بين معسكري الشرق والغرب، بمباركة إقليمية “الإمارات وتركيا”.
تأكيد المؤسسة
كشفت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان رسمي أن الدبيبة قد وافق على استقالة رئيس مجلس إدارة المؤسسة، فرحات بن قدارة، التي تقدم بها نتيجة لظروف صحية طارئة حالت دون تمكنه من أداء مهامه ومسؤولياته بالشكل الأمثل.
مصادر لفواصل
وأشار مصدر من حكومة الوحدة رفض الكشف عن اسمه لفواصل أن الدبيبة أعفى بن قدارة لأسباب نتحفظ عن ذكرها، وسيتم تشكيل مجلس ادارة جديد خلال اجتماع مجلس رئاسة الوزراء المتوقع عقده خلال أسبوعين، كما أكد المصدر ذاته أن مسعود سليمان سيمثل مؤسسة النفط خلال قمة الطاقة التي ستنعقد السبت المقبل.
من جانب آخر أفاد مصدر مقرب من بن قدارة لفواصل أن الأخير قدم استقالته ولم تتم إقالته كما يشاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن الاستقالة هي الثالثة التي قدمها ولم يتم قبول الاستقالتين السابقتين.
انتهاء الاتفاق
وبعد أكثر من عامين من الاتفاق الغير معلن بين الدبيبة وحفتر، أشارت مصادر إلى أن استقالة بن قدارة التي قدمها عدة مرات تأتي بعد ضغوطات وصعوبات واجهها في التوفيق بين طلبات حفتر وتوجيهات الدبيبة، وهو ما يجعل بقاءه في المنصب غير قابل للاستمرار على نحو متزايد، في حين يبدو أن الدعم الإقليمي الذي كان يتمتع به قد ضعف، بحسب وكالة نوفا الإيطالية.
أزمة الإيرادات
وعاد ملف إدارة وتوزيع إيرادات النفط الليبي إلى واجهة الصراع مجددا في الآونة الأخيرة، إذ تؤشر بيانات رسمية صادرة عن المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي إلى اختتام عام 2024 بإنتاج بلغ 1.417 مليون برميل من النفط الخام، و1.469 مليون برميل بضم المكثفات، فيما بلغت مبيعات البلاد من النفط وإتاواته في العام الماضي نحو 90 مليار دينار ليبي ما يعادل 18.16 مليار دولار، على رغم تراجع هذه الإيرادات عن المسجل في عام 2023 بنحو 6.4 مليار دولار، بسبب تراجع إنتاج النفط نتيجة الإغلاقات، وانخفاض متوسط أسعار النفط، وزيادة قيمة توريدات المحروقات من الخارج.
خطة البعثة
وفي وقت تتسارع الأحداث بشأن الملف الليبي في الآونة الأخيرة، يستمر الترقب مع انتظار إعلان مجلس الأمن عن المرشح لرئاسة البعثة الأممية الجديد، وتقديم البعثة لخطتها الجديدة لمعالجة الانسداد السياسي في البلاد.
توافق إقليمي
في ذات السياق يأتي التوافق المصري التركي على واجهة الملف الليبي، والتأكيد على تحقيق الاستقرار في البلاد، وعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا في أسرع وقت ممكن وبشكل متزامن، خصوصا مع عودة الشركات المصرية والتركية في العديد من المجالات، وقد ينال هذا التوافق دعم دول كبرى أخرى وتقارباً لحل الأزمة الليبية الراهنة.
صراعات الساسة
وعلى رغم امتلاك ليبيا أكبر احتياطات النفط في القارة الأفريقية، بما تقدره إدارة معلومات الطاقة الأميركية بنحو 48 مليار برميل، إلا أن الإنتاج عرف طريقه إلى التقلب بشدة على مدى سنوات مع غياب الاستقرار السياسي في البلاد.
ووفقاً لتقدير إدارة معلومات الطاقة الأميركية فإن هدف مؤسسة النفط بالوصول إلى مليون برميل من الخام في 2025 مرهون بتجنيب القطاع صراعات الساسة في ليبيا.
ومع تغيير رئيس مؤسسة النفط مجددا بعد أكثر من عامين ونصف، هناك أسئلة تطفو على السطح مجددا، هل يصل الدبيبة وحفتر إلى اتفاق جديد بعد خروج بن قدارة من إدارة مؤسسة النفط؟ وهل الاتفاق والتقارب المصري التركي يفتح منفذا بجدار الصراع الليبي؟