لطالما كانت ليبيا محطة رئيسية للهجـ ـرة غير النظامـيـة، إذ تشكل نقطة عبور أساسية للمهاجـ ـرين الساعين للوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.
ومع تعقيدات المشهد السياسي والأمني، عاد الجدل حول مصير هؤلاء المـ ـهاجرين إلى الواجهة، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من محاولات توطينهم داخل البلاد. فقد أثارت التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الليبيين التباسًا، حيث فُهم منها احتمال إدماج المـ ـهاجرين مع السكان المحليين.
كما أدت الأخبار ومقاطع الفيديو المنتشرة عن الـ مـهاجرين إلى جدل واسع، مما جعل هذا الملف أحد أكثر القضايا حساسية في ليبيا اليوم.
تسلسل زمني
عاد ملف الهـ ـجرة غير القانونية وإمكانية توطين المهـ ـاجرين إلى دائرة الجدل السياسي في ليبيا، بعد تصريحات منسوبة لوزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة، بدر الدين التومي، خلال لقائه رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجـ ـرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، السبت الماضي. حيث أثيرت تساؤلات حول إمكانية إدماج المهاجـ ـرين غير الشـ ـرعيين مع السكان المحليين في المدن الليبية.
وقد أثارت هذه التصريحات جدلًا واسعًا وموجة غضب في الشارع الليبي، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة التي تمر بها البلاد.
كما ناقش لقاء التومي وجيوردانو التحديات المتعلقة بالـ ـهجرة في ليبيا، ومن ضمنها ما فُهم على أنه تأييد لمشروع إدماج المـ هـاجرين.
احتواء الأزمة
في محاولة لاحتواء الأزمة، عقد رئيس حكومة الوحدة اجتماعًا موسعًا لمناقشة ملف الهجـ ـرة غير الشرعـ ـية، بحضور وزير العمل والتأهيل علي العابد، ووزير الداخلية عماد الطرابلسي، ورئيس جهاز مكافحة الهـ ـجرة غير الشـ ـرعية محمد الخوجة.
ورغم أن الاجتماع ركّز على إدارة الأزمة، فإنه لم يقدّم حلولًا حاسمة بشأن المخاوف المتزايدة من مخطط توطين المـ ـهاجرين، مما يزيد من احتمالية استمرار الجدل في الفترة المقبلة.
دور المهاجـ ـرين
على الرغم من الجدل القائم حول توطين المهـ ـاجرين، فإن العمالة الأجنبية لعبت دورًا إيجابيًا في ليبيا على مدار سنوات طويلة، حيث ساهمت في قطاعات حيوية مثل البناء، الزراعة، والخدمات.
ومع ذلك، يبقى ملف الهـ ـجرة غير الشرعية أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها الدولة، في ظل غياب سياسات واضحة لتنظيم العمالة الأجنبية بشكل قانوني ومستدام.
أمن النظام
من الواضح أن بعض النخب السياسية الليبية تضع استمرارية بقائها في السلطة وأمن نظامها السياسي فوق الاعتبارات المتعلقة بالأمن القومي، وهو ما انعكس على طريقة التعاطي مع ملف الهجرة غير الشرعية. فعدم وجود سياسات واضحة وشفافة وموحدة بين الشرق والغرب والجنوب يعزز مخاوف الشارع الليبي بشأن احتمالية وجود مخططات دولية لإبقاء المهـ ـاجرين في البلاد وتوطينهم بشكل دائم.
موقف الشارع
يشعر الليبيون بقلق متزايد إزاء مسألة توطين المهـ ـاجرين غير النظاميين، حيث يرون في ذلك تهديدًا للتركيبة السكانية والهوية الوطنية، فضلًا عن المخاطر الأمنية والاجتماعية المحتملة. وفي ظل الوضع الاقتصادي الهش وارتفاع معدلات البطالة، يخشى المواطنون من أن يؤدي إدماج المـ ـهاجرين إلى زيادة الضغط على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، إضافة إلى احتمالية ارتفاع معدلات الجـ ـريمة.
تساؤلات
وفي ظل هذه المخاوف، تُطرح العديد من الأسئلة، من بينها:
-ما البدائل الممكنة لمعالجة ملف الهـ ـجرة دون اللجوء إلى التوطين؟
-كيف يؤثر هذا الملف على علاقات ليبيا مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي؟
-ما مدى تأثير توطين المـ ـهاجرين على البنية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد؟
-وهل يمكن أن يمثل هذا الملف فرصة سياسية إذا أحسن السياسيون استغلاله، نظرًا لتأثيره المباشر على أمن الاتحاد الأوروبي؟