بعد الصفعة التي تلقاها الشارع الليبي نتيجة قرار مصرف ليبيا المركزي بتخفيض سعر صرف الدينار أمام سلة العملات الأجنبية بنسبة بلغت 13.3%، ليستقر عند 5.55 دينار ليبي مقابل الدولار الواحد، شهدت أسعار النفط هي الأخرى تراجعًا إلى ما دون 70 دولارًا، ما شكل صفعة من الجهة الأخرى.
وعلّل المصرف المركزي في بيانه الأخير قرار تخفيض قيمة العملة المحلية بارتفاع الإنفاق الحكومي المزدوج، الذي بلغ 224 مليار دينار، موزعًا بين الحكومتين المتنافستين، واستمرار العمل بنظام مبادلة النفط، الذي كلّف الدولة 42 مليار دينار، فضلًا عن ضعف إيرادات الصادرات النفطية خلال عام 2024، والتي لم تتجاوز 18.6 مليار دينار.
كساد اقتصادي
وفي تصريحه لفواصل، أرجع دكتور الاقتصاد محمد الشحاتي أسباب انخفاض أسعار النفط العالمية إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، إلى فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفة جمركية على 207 دول، ما أثار مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة كساد قد تمتد حتى ستين شهرًا، إضافةً إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب على الخام.
أمريكا والصين
تُعدّ الأسواق الأمريكية من أكبر مستهلكي المنتجات الصينية، ونظرًا لفرض ترامب تعريفة جمركية بنسبة 34% على الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فإن ذلك سيؤثر على الصناعات الصينية ويرفع تكلفة تصنيعها، في حال لم يُعدّل ترامب هذه التعريفة. واستمرار فرضها سيؤدي إلى عزوف الصين — أكبر مستهلك للنفط — عن شراء الخام، مما سيدفعها إلى تقليص صناعاتها الموجهة للسوق الأمريكية، وبالتالي ستتراجع أسعار النفط العالمية بما يتراوح بين 5 و7 دولارات للبرميل.
وسيتراجع إقبال الصين على تصنيع وقود الديزل بقيمة 300 ألف برميل يوميًا، بحسب الشحاتي. وفي رد فعل عكسي، فرضت الصين ضريبة مماثلة بنسبة 34% على المنتجات الأمريكية المستهدفة لأسواقها، وهدد ترامب الصين برفع الضريبة المفروضة على الصين بنسبة 50% إذا لم تتراجع عنها.
أسعار النفط
موجة انخفاض مستمرة لأسعار النفط العالمية متأثرة بضريبة ترامب، وسجّلت أسعار خام برنت 64.19 دولارًا للبرميل، و60.61 دولارًا لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي. ومع هذا الانخفاض غير المسبوق منذ عام 2021، استبعد الشحاتي تأثر الإيرادات الوطنية من النقد الأجنبي بشكل كبير، في حال تم التركيز على تمويل البنود الأساسية في الميزانية العامة مثل المرتبات، والمحروقات، والمصروفات التسييرية.
الميزانية العامة
أستاذ الاقتصاد والمحاسبة بجامعة مصراتة، الأستاذ مختار الجديد، نفى لمنصة فواصل تأثر الميزانية العامة ما لم تنخفض أسعار الخام إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل. وأشار إلى ضرورة معالجة المشاكل الجسيمة في الاقتصاد الوطني، كاستمرار الإنفاق الحكومي المزدوج، والعمل بنظام مقايضة النفط الخام بالمحروقات، وتهريبه عبر الحدود، إضافة إلى تدني الإيرادات، حيث بلغت إيرادات الصادرات النفطية 18.6 مليار دولار خلال العام الماضي، بحسب بيان المركزي.
وقال الجديد إن المصرف المركزي لا يملك حلاً لمعالجة الآثار الاقتصادية الناتجة عن توسع الإنفاق الحكومي سوى تعديل سعر الصرف وتخفيض قيمة الدينار، محذرًا من الاستمرار في هذا النهج، ومتوقعًا تخفيضًا جديدًا في قيمة الدينار ما لم تُعالج هذه المشاكل الاقتصادية الجسيمة.