أجرت فواصل حواراً خاصاً مع “كلوديا غازيني” كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية المختصة بالشأن الليبي، تناولت فيه ملفات حقوق الإنسان وتطورات الوضع السياسي والأمني في ليبيا، وآفاق التسوية السياسية، والتحديات التي تواجه العملية الانتخابية.
مع تقديم القضية ضد أسامة انجيم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ماهو تأثير هذه التطورات على المشهد السياسي في ليبيا؟ هل هناك تداعيات جديدة لانتهاكات حقوق الإنسان بخصوص هذا الملف؟
أكدت غازيني أن مجموعة الأزمات لم ترى أي تداعيات لكشف انتهاكات حقوق الإنسان في المجال السياسي، أعني بذلك أن قضية أسامة نجيم في لاهاي لم تُقوّض الترتيبات السياسية بين القوى السياسية الثلاثية.
كما أشارت أن استخدام رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، ملف انجيم في المحكمة الجنائية الدولية تأتي لتعزيز موقعه، وزيادة التعاون مع المحكمة ليظهر كحليف مفيد في مكافحة هذه الانتهاكات في مراكز الاحتجاز.
فواصل: ماذا عن تداعيات ملف حقوق الإنسان بخصوص مقاطع الفيديو المسربة لعضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي؟
أوضحت غازيني أن في قضية النائب “إبراهيم الدرسي”، كانت هناك مقاطع فيديو صادمة ومروّعة تُظهره مقيّدًا بالسلاسل في معتقله، ويُقال، بحسب وسائل إعلام ليبية، إنها صُوّرت بعد أسبوع من اختفائه، أعتقد أن هذه المقاطع هزّت الوعي داخل ليبيا، سواء بين الناس في الغرب أو في الشرق.
كما أضافت: “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها مثل هذه الصور لانتهاكات يتعرض لها سياسيون رفيعو المستوى، نحن نتحدث عن عضو في البرلمان يُعامل بهذه الطريقة في ليبيا، لذا كان الأمر صادمًا للغاية”.
وعن انتشار هذه مقاطع “الدرسي” دوليا، بينت كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، أن هذه المقاطع وأخبار اعتقاله لم تنتشر كثيرًا في الخارج، السفارات والسفراء والدبلوماسيون المتابعون للشأن الليبي على علم بهذه الوقائع، وبالفيديوهات والتسريبات، لكننا لم نشهد انتشارًا واسعًا لها في العواصم أو خارج دوائر المهتمين بليبيا تحديدًا، لذلك لم يكن هناك استنكار دولي واسع، حتى الآن، لم نرَ تداعيات سياسية مباشرة داخل شرق ليبيا نتيجة لهذا الأمر.
فواصل: تابعتي ما قدمته اللجنة الاستشارية المشكلة من البعثة الأممية من مقترحات، ما هي أبرز التحديات التي تواجه تنفيذ اتفاق تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، وهل هناك خطة يمكن أن تُشكل الحلّ لإنهاء الجمود السياسي؟
واعتبرت غازيني خلال مقابلتها مع فواصل، أن نتائج مشاورات اللجنة الاستشارية المشكلة من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كانت متوقعة، والخطوة الأولى التي يقترحونها هي التفاوض لتشكيل حكومة جديدة، ولكن الجزء الصعب سيكون التنفيذ.
وأضافت غازيني أيضا: “إن من في السلطة في طرابلس (الدبيبة ومؤيدوه) ومن في السلطة في شرق البلاد (حفتر ومؤيدوه) وأشخاصًا مرتبطين بالبرلمان لا يريدون التنحي عن السلطة ويقاومون فكرة تشكيل حكومة جديدة، بدون موافقتهم، سيكون من الصعب تنفيذ أي تفاوض جديد”.
وأكدت غازيني أن هناك خطة بديلة في اقتراح اللجنة الاستشارية، وهي محاولة عقد منتدى أكبر للشخصيات للاتفاق على حكومة جديدة، لكن علينا أن نرى إذا كان ذلك ممكنًا ليبيا بلد غني، ومن في السلطة يستخدمون ثروة البلاد كوسيلة للحفاظ على الوضع السياسي مجمّدًا.
كما قالت: “من الصعب التنبؤ بمستقبل البلاد، لأنه بدون تغيير سياسي، وبقاء البلاد منقسمة سياسيًا إلى قسمين، هناك مخاطر كبيرة، فخطر اندلاع مفاجئ للأعمال العدائية وتدهور الوضع يبقى واضحًا وقريبًا”.
وحول سؤال فواصل عن هل لديك أي أفكار أو توقعات حول شكل مستقبل ليبيا من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية؟
قالت غازيني أن الوضع الاقتصادي للبلاد أيضًا غير مؤكد للغاية، وأن ليبيا الآن تنفق أكثر مما تجني، وهناك غياب كامل للشفافية في نظام استيراد الوقود، مما يستنزف الموارد المالية، وإذا انخفضت أسعار النفط أكثر، فإن ذلك سيزيد الضغط على الاقتصاد الليبي، الذي يعتمد بالكامل تقريبًا على مبيعات النفط.
كما بينت غازيني أن المشكلة الأخرى في ليبيا هي أنه طوال هذه السنوات، لم يكن هناك أي تطوير كبير للبنية التحتية، لذا في المستقبل، ومن دون بنية تحتية أفضل، ستتفاقم المشاكل المتعلقة بالمياه والكهرباء والخدمات والطرق.
وتطرقت غازيني خلال المقابلة عن وضع البنية التحتية والتغير المناخي في ليبيا، وقالت: “غالبًا ما ننسى مأساة درنة، لكنها مثال واضح لما يحدث عندما تُترك البنية التحتية لتتدهور، في وقت تؤثر فيه تغيرات المناخ بشكل كبير، كما أنه ستزداد حدة هذه المشاكل؛ وسنشهد المزيد من الجفاف، وكذلك أمطارًا مفاجئة أكثر غزارة”.
وأختتمت غازيني المقابلة بأن هناك خطر أكبر وتهديد يواجه ليبيا هو استمرار تدهور بنيتها التحتية، لأنه من دون حكومة قوية وموحّدة ومعترف بها دوليًا وشرعية داخليًا، لن يكون من الممكن تنفيذ تطوير كبير للبنية التحتية.